(بيروت، 9 ديسمبر/كانون الأول 2025) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن احتجاز معارض إماراتي في سوريا يثير مخاوف جدية من أن الإمارات ستضغط على السلطات السورية لتسليمه.
أبلغت مصادر مطلعة هيومن رايتس ووتش أن السلطات السورية اعتقلت جاسم الشامسي (55 عاما) عند نقطة تفتيش في ريف دمشق في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، وتحتجزه منذ ذلك الحين دون الكشف عن الأساس القانوني لاعتقاله. مارست الإمارات ضغوطا على لبنان والأردن في السنوات الأخيرة لإعادة معارضين. وفي حال إعادته، سواجه الشامسي بشكل بالغ خطر الاختفاء القسري، والاحتجاز التعسفي، والمحاكمة الجائرة، والتعذيب.
قالت جوي شيا، باحثة الإمارات في هيومن رايتس ووتش: "هيومن رايتس ووتش قلقة بشدة من ضغط السلطات الإماراتية مجددا على دولة أخرى في المنطقة لتعيد قسرا معارضا مدانا في محاكمة صورية. ينبغي للسلطات السورية رفض أي طلب لتسليم الشامسي للإمارات، حيث سيواجه خطر الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي المطول".
في 2013، حكمت السلطات الإماراتية على الشامسي غيابيا بالسَّجن 10 سنوات في إطار المحاكمة الجماعية الجائرة سيئة الصيت "الإمارات 94" ضد معارضين سياسيين وحقوقيين. حُكم عليه غيابيا بالسجن المؤبد بسبب دفاعه السلمي عن حقوق الإنسان في محاكمة جماعية جائرة ثانية في يوليو/تموز 2024.
في مارس/آذار، أبلغ مسؤولون في "إدارة الهجرة والجوازات" السورية الشامسي أن هناك طلبا من "الإنتربول" بشأنه.
لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من التأكد بشكل مستقل من وجود طلب من الإنتربول بشأن الشامسي. غالبا ما يُشار بشكل مضلِّل إلى المذكرات الصادرة عن "مجلس وزراء الداخلية العرب"، وهو هيئة إقليمية معنية بقضايا الأمن، على أنها طلبات من "الإنتربول العربي". أدت هذه الطلبات إلى اعتقال وتسليم غير قانوني بحق معارضين سياسيين ومدافعين حقوقيين في الدول الأعضاء في "جامعة الدول العربية"، منهم معارضان تعرضا فور وصولهما إلى الإمارات للاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي.
كان الشامسي يقود سيارته برفقة زوجته في ريف دمشق عندما أوقفتهما قوات الأمن السورية وطلبت منهما إبراز وثائق هويتهما. ووفقا للمصدر المطلع، احتجزت قوات الأمن الشامسي واقتادته إلى مركز "الأمن الجنائي" في الفيحاء. فتش عناصر الأمن سيارة العائلة دون إبراز مذكرة تفتيش ولم يردوا على الأسئلة المتعلقة بالاعتقال. لم تُبلغ السلطات السورية الشامسي أو زوجته بأسباب الاعتقال.
في 8 نوفمبر/تشرين الثاني، عادت زوجة الشامسي إلى مركز أمن الفيحاء للاستفسار عن زوجها، لكن السلطات هناك نفت علمها باعتقاله أو مكان وجوده، حسبما أفاد المصدر.
زارت زوجة الشامسي إدارة السجون في دمشق في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث أكدت السلطات أنه محتجز لكنها نفت علمها بمكان وجوده بالضبط، حسبما أفاد المصدر. تمكن الشامسي من الاتصال بأسرته في 27 نوفمبر/تشرين الثاني، حيث أكد أنه محتجز وقال إنه يعامل معاملة حسنة، حسبما أفاد المصدر.
ضغطت السلطات الإماراتية مرارا على الدول الأعضاء في مجلس وزراء الداخلية العرب لإعادة المعارضين قسرا إلى الإمارات، حيث واجهوا الاختفاء القسري والاحتجاز التعسفي وسوء المعاملة والتعذيب.
في مايو/أيار 2023، اعتقلت السلطات الأردنية المواطن المزدوج الجنسية الإماراتي-التركي خلف عبد الرحمن الرميثي وسلمته قسرا إلى الإمارات. أخفت السلطات الإماراتية الرميثي قسرا عند وصوله إلى الإمارات وحكمت عليه بالسجن مدى الحياة في 2024. حُكم على الرميثي والشامسي غيابيا في إطار المحاكمة الجماعية الجائرة الشهيرة الإمارات 94 في 2013.
في يناير/كانون الثاني 2025، رحّلت السلطات اللبنانية الشاعر المصري-التركي عبد الرحمن يوسف القرضاوي إلى الإمارات بناء على طلب السلطات الإماراتية، مستشهدة بتهم تتعلق بنشاطه السلمي على وسائل التواصل الاجتماعي. سلّمت السلطات اللبنانية القرضاوي إلى الإمارات على الرغم من أنه لم يكن مواطنا إماراتيا، ولم يكن موجودا في الإمارات عندما ارتكبت الجرائم المزعومة.
في ديسمبر/كانون الأول 2023، أجرت الحكومة الإماراتية ثاني أكبر محاكمة جماعية ضد 84 ناشطا ومعارضا ومدافعا عن حقوق الإنسان، منهم الشامسي والرميثي، بتهمة تشكيل مجموعة مناصرة مستقلة في 2010، وهي تهمة سبق أن قضى العديد منهم عقوبات سجن تعسفية بسببها في إطار قضية 2013 البالغة الجور.
في 19 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، توفي علي الخاجة، أحد المتهمين في المحاكمتين، أثناء احتجازه في سجن الرزين سيئ السمعة في الإمارات.
سوريا ملزمة باحترام مبدأ عدم الإعادة القسرية المنصوص عليه في القانون الدولي، والذي يحظر على الدول إعادة أي شخص إلى مكان قد يتعرض فيه لخطر حقيقي يتمثل في الاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة السيئة الجسيمة أو لتهديد حياته. هذا المبدأ منصوص عليه في "اتفاقية مناهضة التعذيب"، التي سوريا طرف فيها، وفي القانون الدولي العرفي.
قالت شيا: "على الحكومة السورية أن تفعل الصواب وتتجنب التواطؤ مع الانتهاكات الحقوقية الإماراتية إذا أعادت الشامسي قسرا إلى الإمارات".